الجذور الفكرية العقائدية:
● تعد الرومانسية ثورة ضد الكلاسيكية المتشددة في قواعدها العقلية والأدبية، وكذلك ثورة ضد العقائد اليونانية المبنية على تعدد الآلهة… ومن جذور هذه الثورة ظهور التيارات الفلسفية التي تدعو إلى التحرر من القيود العقلية والدينية والاجتماعية. فضلاً عن اضطراب الأحوال السياسية في أوروبا بعد الثورة الفرنسية الداعية إلى الحرية والمساواة وما يتبع ذلك من صراع على المستعمرات، وحروب داخلية.. كل هذه الأمور تركت الإنسان الأوروبي قلقاً حزيناً متشائماً، فانتشر فيه مرض العصر، وهو الإحساس بالكآبة والإحباط ومحاولة الهروب من الواقع، وكان من نتيجة ذلك ظهور اتجاهات متعددة في الرومانسية، إذ توغلت في العقيدة والأخلاق والفلسفة والتاريخ والفنون الجميلة.
- ودخلت الرومانسية في الفلسفة وتجلت في نظرية الإنسان الأعلى (السوبرمان) عند نيتشه 1844 – 1900م ونظرية الوثبة الحيوية عند برجسون 1859 – 1941م.
● الرومانسية الجديدة:
● انحسرت الرومانسية في مطلع القرن العشرين عندما أعلن النقاد الفرنسيون هجومهم عليها – وذلك لأنها تسلب الإنسان عقله ومنطقه – وهاجموا روسو الذي نادى بالعودة إلى الطبيعة. وقالوا: لا خير في عاطفة وخيال لا يحكمهما العقل المفكر والذكاء الإنساني والحكمة الواعية والإرادة المدركة.
وكان من نتيجة ذلك نشوء الرومانسية الجديدة ودعوتها إلى الربط بين العاطفة التلقائية والإرادة الواعية في وحدة فكرية وعاطفية، ومن ثم نشأت الرومانسية الجديدة حاملة معها أكثر المعتقدات القديمة للرومانسية.
الانتشار ومواقع النفوذ:
● تعد فرنسا موطن المذهب الرومانسي، ومنها انتقل إلى ألمانيا ومنها إلى إنجلترا وإيطاليا.
خصائص كل من الرومانسية والواقعية :
- الإسراف الشديد في التغني بالذات وتتبع آلامها وتحسس عواطفها وتتبع خلجاتها والإغراق في الخيال .
- لهذا الأمر جاءت الواقعية كردة فعل على الذاتية الرومانسية داعية إلى الموضوعية .
- قامت الرومانسية على أساس فلسفة روسو العاطفية . ودافعت على الطبقة البرجوازية ضد الارستقراطية .
- أما الواقعية فقد تأثرت بالفلسفة الوضعية التجريبية ووقفت إلى جانب طبقة العمال في نضالها المرير لتحقيق العدالة الاجتماعية .
- ارتمت الرومانسية في أحضان الطبيعة فهي المواسي والأنيس والصديق والكتاب الذي تؤخذ منه العبر والدروس . والسباحة في عالم الخيال البعيد والانطواء على الذات .
- غير أن الواقعية ليست ضد أدب الخيال والعاطفة فهي لا تعني نقل الواقع كما هو نقلا حرفيا بل هي تصوير الواقع كما يحسه الأديب إذا هي فلسفة خاصة في فهم الواقع .
- فضلت الرومانسية الشعر’ والشعر يزينه الخيال كما قال حسان بن ثابت .
- بينما آثرت الواقعية النثر من قصة ورواية ومسرحية ’ لأنه الأقدر على تصوير الواقع بمختلف تقلباته .
ولتكتمل هذه الدراسة سنقارن بين تأثير كل مذهب في الأدب العربي .
تأثير الرومانسية في الأدب العربي :
أثرت الرومانسية بشكل كبير في الأدب العربي لسببين هما : -
حاجتنا كعرب إلى التغيير السياسي والاجتماعي ...
– الرومانسية تدعو إلى الثورة على التعسف والقهر وتحرير الإنسان من كل عبودية . فوجد فيها أدباؤنا مجالا للتنفيس عن آلامهم والتعبير عن تطلعات شعوبهم إلى الانعتاق من القيود"(4)