عناصر تأليف النص المسرحي
عناصر تأليف النص المسرحى
[rtl] يتكون النص المسرحى من مجموعة من العناصر التى تتضافر معاً منتجة النص المسرحى إذ أن كل عنصر من تلك العناصر يساهم بقدر معين فى تشكيل النص المسرحى، وعند التعرض إلى النص المسرحى بالدراسة لا يمكن الاعتماد على عنصر من تلك العناصر دون الأخر ولكن ما نقوم به من تقسيم النص المسرحى إلى عناصر بهدف تسهيل عملية دراسة مكونات النص المسرحى ولكن عند التعامل معه لابد أن يُنظر له كعمل فنى متكامل. [/rtl]
وقبل أن نبدأ حديثنا عن النص المسرحى وعناصره علينا أولاً أن نتعرض إلى التأليف المسرحى وأهمية دوره فى إنتاج العمل المسرحى المتكامل ومنه نتعرف على المؤلف المسرحى وسماته ثم نصل بعد ذلك إلى العناصر التى يعتمد عليها النص المسرحى فى تكوينه. التأليف المسرحى وسمات المؤلف المسرحى
" عند النظر إلى التأليف المسرحى كعنصر من عناصر العرض المسرحى نجد أن ذلك العنصر فى حقيقة الأمر مركب إذ يتكون من عناصر أخرى تلك العناصر تتراكب مع بعضها من أجل إنتاج عنصر التأليف المسرحى المتًمثل فى إنتاج النص المسرحى وخروجه إلى حيز الوجود. كما أن ذلك العنصر يتصل فى بادئ الأمر بكاتبه الذى يجب أن يكون له صفات خاصة حتى يطلق عليه مؤلف مسرحى وليس مؤلف فى المطلق. فعند الحديث عن المؤلف المسرحى ودوره فى صياغة العملية الفنية المتمثلة فى العرض المسرحى نجد أنه لابد أن يتوافر فيه مجموعة من السمات حتى يكون لديه القدرة على كتابة نص مسرحى إذ أنه فى البداية لابد وأن يكون مُلم بحرفيات الكتابة المسرحية وإلى جانب ذلك قدرته على التعبير عن المضمون الذى يريد توصيله من خلال نصه المسرحى كما أنه لابد أن يوازن بين الشكل والمضمون للنص دون أن يطغى أحدهما على الأخر لكى يخرجا فى كلٍ متناغم.
ولكى يتمكن المؤلف المسرحى من أدواته عليه قراءة واستيعاب أكبر قدر ممكن من النصوص السابقة على مر العصور بل وأن يعيش العديد من التجارب المسرحية حتى يتشبع بحياة المسرح وروحه وهذا يؤدى إلى إثقال خبراته الفنية وتكوين شخصيته التى لابد وأن يثقلها بالدراسات الأكاديمية فى مجال المسرح إلى جانب الموهبة الموجودة لديه وبهذا يكون قادراً على التعبير عن أفكاره بشكل مكتوب يتوافر فيه شروط النص المسرحى الجيد.
و من خلال اكتسابه الخبرات السابقة ستؤدى إلى اتساع مداركه وظهور العديد من الأفكار التى يحاول التعبير عنها وبهذا يستطيع التعبير عن رؤيته للقضية التى يتناولها سواء سياسية أو اقتصادية أو فكرية أو اجتماعية أو إنسانية من خلال توظيفه لعناصر العمل الفنى التى تحدد غاية العمل المسرحى وإلى جانب ذلك عليه أن يكون قادراً على تحديد نوعية التأثير المراد بثه فى الجمهور فالنص المسرحى عادة ما يكون اللبنة الأولى أو المؤشر الاولى الذى يحدد نوعية العرض المسرحى وشكله الذى سيتابعه الجمهور المستهدف من عمله لكى يستطيع تحقيق الهدف المرجو من العرض المسرحى .
والوصول إلى الهدف يكون له وسائل مختلفة لبلوغه بالشكل النهائى للعرض ،لكن يظل الهدف ثابت لا يتغير والذى يجب أن يكون المؤلف على درجة كاملة من الوعى به.وتنبع أهمية عنصر التأليف المسرحى من خلال أنه لا يمكن أن تبدأ عناصر العرض المسرحى عملها قبل عنصر التأليف فالانتهاء من كتابة النص بمثابة إشارة البدء لعناصر العرض الأخرى من إخراج وتمثيل وديكور وإضاءة.. وغيرها من العناصر التى تٌبنى على ما يوجد فى النص المسرحى من معانى وأهداف مراد تحقيقها.
لذا فعنصر التأليف المسرحى هو أكثر العناصر استقراراً وثباتاً ذلك لأن أساليب الإخراج والتمثيل والتصميم تختلف باختلاف العصور والبلاد بل وتوجهات القائمين عليها. وتتأثر أساليب التأليف المسرحى وأنواعه طبقا لهدف الكاتب ومفهومه لمضمون ومعالجة مادته. إلى جانب ذلك هناك حتميات درامية لا يمكن تجاهلها فى توصيل الخطاب الذى تحمله المسرحية لكى تثير الإنتباه وتسيطر على مشاعر المشاهد كما تخاطب عقله. وإذا كانت وحدة الهدف مطلوبة فى كل نص مسرحى فإنها ليست الهدف الوحيد لأنها لابد أن تتبلور من خلال الأدوات الفنية والأساليب الدرامية والتى بدونها لا يصبح هناك نص مسرحى على الإطلاق.
كما يجب أن يمتلك الكاتب مضمون نصه فالمضمون يتشكل طبقاً لأسلوب معالجته الدرامية إذ يختار نوع المضمون كوميدى أم تراجيدى أم مزج بينهما لأن الحدود بين هذه الأنواع الدرامية ليست فاصلة. كما يجب أن يتسق الشكل مع المضمون فهناك الكاتب الذى يخضع مضمونه الفكرى لحتميات الإتساق الدرامى والشكل الفنى فى حين أخر يلح عليه المضمون إلحاحاً قد يجعل مسرحيته مجرد أداة عابرة لتوصيل مضمونه فالمضمون يتشكل طبقا للمعالجة الدرامية التى تصهره فى بوتقتها وتقدمه للجمهور فى قالب متماسك جيد كأنه يراه لأول مرة وبالتالى فليس هناك مضمون أو فكر أو موضوع مطلق أو مجرد أو مستقل بذاته ذلك لأنه يستحيل الفصل بين المضمون الفكرى والشكل الفنى فى العمل المسرحى الناضج فالتوازن والتفاعل الدرامى بين الفكر والفن ضرورة منطقية وجمالية مُلحة . ولكى يستطيع المؤلف تحقيق ذلك عليه أن يكون ذو ثقافة عالية وقدرة على رصد القضايا والمشكلات بل وتحليلها واختيار الزاوية التى يتناولها منها لكى تعبر عن رؤيته للقضية من خلال أعماله الفنية.
ففى التأليف المسرحى واختيار موضوعاته معايير عامة ثابتة تتصل بتمكن المؤلف من أدوات الحرفة الكتابية وخبراته ودراساته ; ولكن هناك معيار متغير قائم على كيفية توظيف الثوابت السابقة فى التعبير عن الفكرة التى يريد إثارتها لأن الفنان لا يوجد فى المطلق ولكن هناك مؤثرات ثقافية وبيئية وأيديولوجية إلى جانب روح العصر الذى يعيش فيه. إذ تؤثر كل تلك العوامل فى كيفية تمثيل عناصر التكثيف والبلورة وتدفق السياق فى عفوية وحيوية تساعد كل القائمين على العرض المسرحى فى الإنطلاق والإبداع بقدر طاقاتهم.
كما أنه هناك فرق بين الحياة الواقعية والأحداث المقدمة على خشبة المسرح فعلى المؤلف أن يعى ذلك الاختلاف ويكون قادر على تناوله من خلال وعيه لنوعية الزمن المسرحى الذى يختلف عن الزمن الواقعى إذ أنه يجب أن يكون مُلم بأبعاد الزمن ومستوياته المسرحية وكذلك قادراً على بلورة وتكثيف أحداثه حتى تأتى مسرحيته بالشُحنة الفنية والفكرية المنشودة فى حدود زمن معين لا يقيدها; بل تنطلق فيه بكل أبعادها ودلالاتها إلى عقل المشاهد ووجدانه ولا يتأتى الإحساس بالوحدة العضوية إلا من خلال توليد الأحداث من بعضها البعض والتى يُصبح سلوك الشخصيات فيها منطقياً وحتمياً . كما يٌحتم على الكاتب المسرحى أيضاً أن يكون واعياً ومتمكناً من كل الأساليب والحيل الدرامية التى تمنحه القدرة فى السيطرة على مشاعر المشاهد وأفكاره بقدر الإمكان فلابد أن يكون قادراً على شحن اللغة المستخدمة بالحيوية وطاقات تعبيرية لا تتأتى لها فى الحياة اليومية رغم أنها نفس اللغة ".(1)
وبعد تلك الإطلالة على أهمية عنصر التأليف المسرحى وسمات مؤلفه التى تؤثر فى بناء النص المسرحى نقوم الآن بتناول العناصر التى يتكون منها النص المسرحى. إذ تٌقسم عناصر النص المسرحى إلى:
أ- الفكرة الرئيسية (الثيمة).ب- الشخصية.ت- الحبكة. ث- الحوار.
ج- الصراع.
ح- الإيقاع.